تنطوي الدبلوماسية البرلمانية على الكثير من التناقض والتباين. تقترن الدبلوماسية التقليدية بالسرية وبالابتعاد عن الأضواء. وكثيرا ما بقيت مفاوضات دولية في قضايا مصيرية قيد الكتمان، ولم يعلن عنها إلا بعد التوصل الى نتائج حاسمة كما حدث، مثال، في المفاوضات التي ادت الى اتفاق اوسلو بين الحكومة الإسرائيلية ومنظمة التحرير الفلسطينية. وحتى في حالات العلاقات العادية بين الدول، فانه من المفترض، بحسب النظرة الشائعة، ان تسعى الدبلوماسية الى حجب الحقائق عن الرأي العام، وحتى احيانا عن مسؤ ولين. لذلك وصف سير هنري واتون، الدبلوماسي البريطاني في القرن السادس عشر، الدبلوماسي بانه "انسان فاضل وشريف يتم ارساله الى بلد آخر لكي يمارس التمويه دفاعا عن مصالح بلده"، ولنفس السبب تقريبا تعرض الرئيس االميركي وودرو ويلسون الى النقد عندما دعا حكومات العالم الى مناقشة معاهدات السلام بعيدا عن السرية الإتفاق عليها علنا، ولكنه امسك هو نفسه عن التقيد بهذه الدعوة عندما ناقش معاهدة فرساي علنا ولكنه اتفق عليها سرا مع الزعماء المنتصرين في الحرب العالمية الأولى. بالمقابل تقترن البرلمانية بالمناقشات والمسجالات العلنية التي تسلط النظر على السياسات والمواقف وما يقف وراء الأحداث من دوافع سياسية واجتماعية واقتصادية. ورغم ما ينسب الى العمل البرلماني من نواقص، و رغم الانتقادات الموجهة احيانا الى البرلمانيين، فمن المستطاع القول بان البرلمان يبقى في النظم الديمقراطية الأوفر شفافية بالمقارنة مع مؤسسات الدولة الأخرى، و الأكثر استثارة لاهتمام الرأي العام، الأبعد تواصلاً مع المواطنين والمواطنات بحكم مهمة النائب كممثل للأمة. و وفقا لهذه المهمة فانه يتعين على النائب البرلماني ان يكشف عن الحقائق التي تؤثر على مصالح بلده بما في ذلك الحقائق المتعلقة بحياته المهنية والسياسية.
Document nature
Year